من الطبيعي أن يرافق وصول أيّ مدرب جديد إلى فريق متعطش للألقاب بعض التغييرات الضرورية للتشكيلة الأساسية، لكن عندما تُحجَّم أدوار ثلاثة من ركائز هذا الفريق دون مقدمات يكون الأمر غريباً بعض الشيء، وهو ما حصل مع الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد الإسباني ورموز الفريق إيكر كاسياس وسيرجيو راموس وتشابي ألونسو هذا الموسم.
قائد الفريق كاسياس ونائبه راموس و"بيضة القبان" ألونسو، تزامن تقليص أدوارهم بشكلٍ ملفت بعد تسلم أنشيلوتي لدفة ريال، فالأول لا يلعب والثاني عُرض للبيع والثالث يرفض الاستمرار بقميص الملكي علماً أنّ كارلو ليس السبب الوحيد في ذلك ولكن من الصعب إنكار أنّه أحد أهم الأسباب.
مشاكل مُبطنة تؤدي للمجهول...كاسياس ومنذ إصابته في اليد أوائل هذا العام وجلب الحارس دييغو لوبيز عانى من مسألة جلوسه بديلاً في عهد البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب ريال السابق، إلا أنّه لم يتوقع امتداد مشكلة مشاركته إلى فترة قدوم أنشيلوتي الذي كان أكثر قسوة على اعتبار أنّ العلاقة السيئة بين إيكر ومورينيو كانت أهم أسباب وجوده على مقاعد البدلاء، بينما قام الإيطالي بتحديد دوره في مسابقة كأس الملك ودوري أبطال أوروبا فقط نتيجة قناعات فنية رجّحت كفة لوبيز على كابتن مدريد وإسبانيا.
أما راموس فقد كانت مشاكله أقل ضجة إلى أن أعلن فلورنتينو بيريز نيته بيع صاحب الـ27 عاماً في حال وصول عرض مناسب في الوقت الذي يصعب فيه على رئيس إدارة نادٍ مثل ريال مدريد أن يطلق مثل هذه التصريحات ما لم يكن قد أخذ الضوء الأخضر من المدير الفني وذلك لعدم حاجة اللوس بلانكوس للمال أصلاً للتضحية بأحد نجومه.
ولولا الحاجة القصوى لراموس على أرض الملعب في ظلّ غياب الفرنسي رافائيل فاران للإصابة والتخلي عن البرتغالي كارافايو بداية الموسم لموناكو الفرنسي لكان من الممكن أن تشهد المسألة جدلاً أوسع.
وأمام هذا وذاك جاءت قضية ألونسو التي أعلنت فيها الصحافة الإسبانية عن رفض اللاعب تجديد عقده الذي ينتهي آخر الموسم مع ريال، وسط مبررات الرغبة بالتغيير والأسباب الخاصة وغيرها من الأشياء التي لم يكشف عنها، الأمر الذي يترك أكثر من إشارة استفهام أمام أنشيلوتي وتمسكه بهذا العنصر على أرض الواقع من خلال منحه ثقلاً أكبر في الفريق بدلاً من المراقبة والرغبة في عدم رحيله بالتصريحات لا أكثر.
رموز مدريد بنظرة الإيطالي...في الحقيقة يصعب تحديد ما يدور في عقل كارلو خاصةً وأنّه ليس من المدربين المشهورين في اتباع أسلوب السيطرة الإدارية قبل الفنية على غرفة الملابس ولذلك فإن مبررات الإيطالي الفنية قد تكون منطقية إلى حدٍّ ما مع النجوم الثلاثة.
فمدرب سان جيرمان الفرنسي السابق قد يجد أنّ مركز حراسة المرمى يجب ألا يصبح حكراً على كاسياس اعتماداً على تاريخه فقط خاصة وأنّ لوبيز يقدّم مستويات جيدة ويغطي غياب إيكر لحدٍّ كبير بالرغم من أفضلية أرقام الأخير الطفيفة عند مشاركته هذا الموسم.
والبطاقات الكثيرة التي تلقاها راموس (8 بطاقات صفر وبطاقتين حمراوين في 20 مباراة) وربما تجاهله لما يطلب تنفيذه حرفياً من خلال تخليه عن مركزه الدفاعي أكثر من مرة بالإضافة لسعره المرتفع في السوق قد تعدّ عوامل مساعدة لعدم التذمر من إمكانية بيعه، وذلك إذا ما ترافقت مع جلب لاعبين منفذين بشكل أكبر حتى وإن لم يكونوا بذات السوية الفنية التي يملكها راموس وهو الأمر الشائع لدى العقلية التكتيكية الإيطالية.
الإصابات المتلاحقة لتشابي والتقدّم في السن (32 عاماً) قد يجدها أنشيلوتي عوامل غير مساعدة لفلسفته في بناء فريق شاب وهو ما يتزامن مع اقتراب الألماني إلكي غاندوغان لاعب بوروسيا دورتموند من ارتداء قميص الريال في الموسم المقبل (بحسب وسائل الإعلام) وإعادة الكرواتي لوكا مودريتش لمركز المحور وضمّ آسير إيراميندي مقابل قرابة (30 مليون يورو) هذا الموسم، دون أن ننسى وجود الألماني سامي خضيرة والأنباء التي تتكلم عن الاهتمام بالفرنسي بول بوغبا وغيره من نجوم الوسط الدفاعي في العالم.
تاريخ غني وإمكانية الرحيل...أكثر لاعبي ريال الحاليين تتويجاً بالألقاب الجماعية مع الفريق وهو كاسياس بـ14 لقباً (الدوري 5 وكأس الملك 1 وكأس السوبر الإسباني 4 ودوري أبطال أوروبا 2 وسوبر الأبطال 1 وكأس الإنتركونتينينتال1) يجب أن تترافق إمكانية رحيله بعدة عوامل أهمها اسم فريق كبير بحاجة لحارس بإمكانياته، وهذا لا يبدو متاحاً في الانتقالات الشتوية ولذلك يجب عليه إثبات نفسه مجدداً مع فريقه الحالي أو التريث إلى ما بعد كأس العالم.
انطلاق كأس العالم في نهاية هذا الموسم تعدّ عائقاً مؤثراً أمام إمكانية انتقال زميلي كاسياس في الأيام المقبلة أيضاً لأنّ عملية التغيير غير المحسوبة قد تعتبر عاملاً رئيسياً لغيابهما عن المونديال البرازيلي حتى إنّ إدارة ريال قد لا تسمح لراموس المتوّج بـ6 ألقاب مع الفريق (3 دوري ومرة بكأس الملك و2 كأس السوبر الإسباني) ولألونسو 3 ألقاب (1 دوري و1 كأس الملك و1 كأس السوبر) في الرحيل لصعوبة توفير بديلين بإمكانياتهما في هذه المرحلة الحرجة من الموسم الكروي مع أفضلية الثاني لصعوبة التخلي عنه بالمجان نهاية الموسم.
أخيراً فإنّ التقارير القادمة من إسبانيا تؤكّد استمرار الثلاثي بزي الملكي لهذا الموسم على الأقل لكن جنون سوق الانتقالات الشتوية الذي سيفتتح بعد أيام ولقرابة الشهر قد يحمل ما هو جديد لعشاق الريال ومن تغنّوا بركائز الفريق في السنوات القليلة الماضية.