السلام عليكم
من الحماقة أن نرهن أنفسنا قيد فكرٍ عابثٍ بـ الغرور،
ومن الجهالة أن لا نملك القدرة على "التمييز"
بين ذكي وآخر يحمل في الذكاء "شهادة" مرور
إن أعمقنا البحث في حالات الوعي واللاوعي البشرية لتهنا في تلك المسارات وخاصة إن كان التوجه الأساسي لـ بحثنا من ناحية العقل المدرك والذات المدركة، ومن الناحية المناقضة من العقل اللامدرك والذات الغائبة عن الإدراك، أي بالتحديد إن جعلنا نقطة الارتكاز في الوعي واللاوعي العقل والنفس على حدٍ سواء..!
في لحظات الإغفاءات المطلقة (كـ النوم أو الغيبوبة) لا يمكن لعقلنا أن يدرك ما حوله وكذلك النفس لن تشعر ما حولها، فـ العقل نائم وغائب عن الوجود، إذا هي غيبوبية لا وجودية من الأساس،
والنفس مسترخية لا تشعر بـ ما حولها من هدوء أو سكون أو تغيير حاصل!
إلا أن حصلت نقطة تحول ما أدت إلى اصطدام العقل اللاوعي بـ الوجود الواعي، قـ يعطي العقل الأمر بـ استيقاظ يتشكل من حالات غضب وتكدر للنفس،
كـ الضجيج أو كـ صرخات مزعجة أربكت النفس الهائمة وأخرجتها من قلب غيبوبتها،،
وهناك بعض الحالات التي يغيب العقل فيها عن الإدراك رغم وجوديته الواعية، كـ الخيال الذي يذهب بصاحبه بعيدا، فـ هو يبقي الجسد في مكانه الموجود، إلا أن العقل والذات ذهبا بعيدا فكريا وذهنيا عن الواقع الملموس،
هي روحانية خرجت عن الفيزيائية الجسدية!
وربما يشكل الموت جزءا من هذه الغيبوبة، فـ الروح تخرج لـ تلقى ربها، والجسد يبقى مكانه لا يتحرك، إذا هو تحرك روحي ولكن إختلف عن الخيال بأن الروح خرجت من الجسد وفي الحالة الأولى العقل وحده من خرج!
المجنون الذي يظن أن جميع من حوله مجانين والغبي الذي يظن بأنه أذكى المتواجدين، اثنينهما يشكلان حالة من الوعي الواثق والمتبجح، فيرفض عقلاهما الاعتراف بـ حقيقة وضعهما، يعيشان في حالة وهم، سببها الأول والأساسي العقل وليس للروح علاقة بها!
ولكن
ما يثير حيرتي، هو الوعي المتصلب في لبِّ اللاوعي،
وهو كـ العقل حين يغفو عن نفسه ولكنه لا يدرك ذلك بل يصرّ على انه ما زال مدركا،
هو الحال عندما يكون احدهم يملك القدرة الفكرية الهائلة وفي لحظة نشوة عابرة يفقد هذه الفطرة العقلية وتتملكه الحالات الغريزية فيتكلم بلغة العقل ولكن بلسان النفس!
لو قارنا آراء المبدعين وأفكارهم، بين لحظة عقلية بحتة، ولحظة عابرة كأن يعطي رأيه لـ فاتنة ما، لوجدنا أن الفرق شاسع بين رأيه حين كان يود إعطاءه لوجهة النظر العامة وبين ذلك الذي كان يريد به لفت إعجاب أنثى فاتنة أو إظهار نفسه على أنه صاحب فكر أو وعي!
إذا حين تصبح الرسالة العقلية مرتبكة بين "النفس" و بين "الفكر" يختلط الحبل المعرفي لدى الفرد ورغم حدّة علمه وفكره فإنه قد يقع في مصيدة أفكاره، فـ "ينطق عن الهوى"
وكما نلاحظ،
أن أغلب من يعيشون في هذا الوضع الوجودي بين رأي وآخر منغمسين في أفكارهم ومتبجحين في مبادئهم لا ينفكون عن التقلب الخريفي كلما هبت عاصفة نشوة تأخذهم من منعطف فكري إلى آخر عاطفي!
وهذا ما يثبت أن العقل يغيب عن إدراكه في لحظات وجوده ويبقى قويا ورافضا اعترافه بـ غيبوبته المستعجلة،
وقد يكون مجرد دليل على أن الفكر الحقيقي للإنسان يقبع في نفسه المتحكمة بت عقله وعواطفه وليس في العقل المتقلب بين هنيهة وأخرى!
مسكين ذلك العقل
الذي يقبع في جبهة عزتي،
ويتوه في محنة مخيلتي،
وحائر ما بين هذا مبدأي وتلك قناعاتي!